السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
مرحبا بكم مع شرح حديث جديد
إن عبدا أصاب ذنبا ، وربما قال : أذنب ذنبا ، فقال : رب أذنبت ، وربما قال : أصبت ، فاغفر لي ،
فقال ربه : أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ؟ غفرت لعبدي ،
ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا ، أو أذنب ذنبا ، فقال : رب أذنبت – أو أصبت – آخر فاغفره ؟
فقال : أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ؟ غفرت لعبدي ، ثم مكث ما شاء الله ،
ثم أذنب ذنبا ، وربما قال : أصاب ذنبا ، قال : قال : رب أصبت – أو قال : أذنبت – آخر فاغفره لي ،
فقال : أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ؟ غفرت لعبدي ، ثلاثا ، فليعمل ما شاء ، صحيح البخاري
————————————————
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم: 7507 خلاصة الدرجة: [صحيح]
————————————————
الشرح:
إن عبدا: لم يعين هذا العبد، وإنما عمم ذلك فيعم هذا الحكم جميع الناس الرجال والنساء، الأحرار والعبيد، الصغار والكبار.
أصاب ذنبا وربما قال أذنب ذنبا: هذا الشك من الراوي،
وقد جاء بلفظ: أذنب عبد ذنبا: وكذا في بقية المواضع من الحديث، وهذا يدل على ضبط الرواة لكلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ويأخذ به: أي يعاقب فاعله، وفي رواية : ويأخذ بالذنب
ثم مكث ما شاء الله: أي من الزمان.
ثم أصاب ذنبا: وفي رواية: ثم عاد فأذنب
ثم ختم الحديث بقوله:
فليعمل ما شاء: هذا ليس إذنا في المعاصي، ولكن المراد أنه ما دام كذلك كلما أذنب تاب، فلا يضره الذنب بعد التوبة؛ لأن التوبة تجب ما قبلها، لكن على الإنسان الحذر من المعاصي؛ لأنه قد لا يوفق للتوبة، ويؤخذ فجأة
لقد استنبط العلماء من هذا الحديث فوائد عديدة، واستخرجوا منه دروسا فريدة، ومن ذلك ما قاله ابن بطال-رحمه الله-: “في هذا الحديث إن المصر على المعصية في مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له مغلبا الحسنة التي جاء بها، وهي اعتقاده أن له ربا خالقا يعذبه ويغفر له واستغفاره إياه على ذلك يدل عليه”.
ووقال القرطبي -رحمه الله-: “يدل هذا الحديث على عظيم فائدة الاستغفار، وعلى عظيم فضل الله وسعة رحمته وحلمه وكرمه، لكن هذا الاستغفار هو الذي ثبت معناه في القلب مقارنا للسان لينحل به عقد الإصرار، ويحصل معه الندم، فهو ترجمة للتوبة، ويشهد له حديث: خياركم كل مفتن تواب:
ومعناه الذي يتكرر منه الذنب والتوبة فكلما وقع في الذنب عاد إلى التوبة، لا من قال: أستغفر الله بلسانه وقلبه مصر على تلك المعصية، فهذا الذي استغفاره يحتاج إلى الاستغفار”.
وقال النووي في شرح الحديث: “لو تكرر الذنب مائة مرة أو ألف مرة أو أكثر وتاب في كل مرة قبلت توبته وسقطت ذنوبه، ولو تاب عن الجميع توبة واحدة بعد جميعها صحت توبته”
و الله تعالى اعلم